شيء صالح أَمْ شيء من الله الصالح؟

لكل إنسان أَجندته المتعلّقة بيسوع، فهل لديك واحدة؟


مقدمة

لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ:«إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ». وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ.

– مرقس 31:9-

مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً:«حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!» فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ:«اذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ». حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:«إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.

– متى 21:16-25

بدأ يسوع يشرح لتلاميذه الطبيعة الحقيقية لإرساليته. قال لهم إنه سوف يُسلَّم قريباً لأَيدي رؤساء الدين ويُقتَل. وبعد ثلاثة أَيام سيقوم من بين الأموات. كان تلاميذه يسمعون ما يقوله، ولكنهم لم يتمكّنوا من استيعاب مغزى كلامه استيعاباً كاملاً.

– الرجاء، الفصل العاشر

لاحظْ وفكّرْ

بدأ يسوع يقول لتلاميذه مع اقتراب نهاية خدمته على الأرض إنه سوف يتأَلّم ويموت عن قريب، ثم يقوم من الأَموات في اليوم الثالث. يتضّح من المقطع الوارد في مرقس 9 أَعلاه، "وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ" أَنّ التلاميذ لم يفهموا ما كان يسوع يقوله. علاوةً على ذلك، صَعُب عليهم إدراك كلماته لدرجة أَنهم خافوا أَنْ يطلبوا منه توضيحاً.

أَما ردّ بطرس الوارد في المقطع المسجّل في إنجيل متى أَعلاه فهو أَكثر درامية. لم يكتفِ بطرس بعدم الفهم، ولكنه رفض بجرْأَةٍ ما كان يسوع يقوله. "حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!" فبطرس يقول ليسوع، الذي هو الله، "حَاشَاكَ يَا رَبُّ!"! فيردّ يسوع على بطرس رداً دامغاً مفحماً، "اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ!... لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ". وما يعنيه يسوع هو أَنّ الشيطان نفسه يقف وراء كلمات بطرس احتجاجاً على مشيئة الله.

ثم نطق يسوع كلماتٍ لا تنطبق على بطرس فحسب، ولكن على كل من يريد أَنْ يتبع يسوع: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا".

يا له من تناقضٍ مع طريقتنا العادية في التفكير! إذا أَردتَ أَن تخلّص حياتك، فابذلْها من أَجله. وهذا التصريح يدعو السامع للانطلاق فيما يتجاوز مجرّد الاعتراف بأنّ يسوع هو المسيح (المخلّص) ابن الله الحي (متى 16:16)! الدعوة هنا هي الاستسلام التام لمشيئته.

كرّر الله وعده، على مرّ التاريخ العبرانيّ، بإرسال مخلّص سيحرّر البشرية يوماً ما من الشيطان، والخطية، والموت، ويؤمّن البركة الموعود بها لجميع الأُمم. كان يسوع يقول في هذا المشهد إن الطريق إلى تلك البركة مرسومٌ بمعاناةٍ وخسارة لا يمكن تصوّرهما. نحن نريد البركة طبعاً، ولكن كم واحداً منا على استعدادٍ للإيمان به ليأْخذنا إلى مكانٍ لا نريد الذهاب إليه للحصول عليها؟

اسْألْ وتَأَمَّلْ

  • لماذا تعتقد أَنه كان يصعب جداً على التلاميذ قبول ما كان يسوع يقوله لهم ... بأنه سوف يتأَلم عن قريب، ويموت ثم يقوم من الأَموات في اليوم الثالث؟ إذا كنتَ واحداً من التلاميذ، فكيف كنتَ ستستجيب؟
  • ما هي استجابتك الأُولى عندما تواجه تجربةً صعبة؟ هل من الممكن أَنْ تستجيب ليسوع كما فعل بطرس ("حاشاك يا رب!")، أَم ستكون استجابتك مختلفة؟

قرّرْ واعملْ

علينا أَلا ننظر إلى كل شيءٍ صعب في حياتنا كما لو كان هناك خطأ ما. نعم، قد تكون هناك تجارب في طريقنا لا يقصد الله لنا أَنْ نجتازها. قال يسوع لأَتباعه إنهم بالإيمان يستطيعون أنْ ينقلوا الجبال (متى 20:17، 21:21، مرقس 23:11). أَحياناً يريدنا الله أَنْ نمارس الإيمان ونثق به في إزالة التجربة الماثلة أَمامنا أَو حلّها، فمن الغباء تحمُّل تجربة يريدنا الله أَنْ نثق به لكي يزيلها.

من ناحيةٍ أُخرى، هناك بعض التجارب التي يسمح بها الله في حياتنا ولا يقصد إزالتها. في حالة بطرس (متى 21:16-25)، لم يكن هناك أَي قدرٍ من الإيمان كفيلٌ بإزالة التجربة التي كان يسوع على وشك أَنْ يجتازها أَو الصعوبات التي كان سيواجهها التلميذ نتيجة ذلك. كانت الخطة كلها جزءاً من قصد الله مع أَنّ بطرس لم يستطعْ أَنْ يراها في ذلك الوقت. أَراد بطرس الخير حسب التفكير البشري. وأَراد يسوع الخير حسب "الخطة الإلهية". لو استطاع بطرس أَنْ يعرف ويفهم الهدف المجيد الأبدي الذي كان على وشك أَنْ يتحقق ليسوع، لقَبلِه وربما رحبّ به أَيضاً.

نقرأ في يعقوب 2:1-4، "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ".

غالباً ما نجهل الهدف من التجربة عندما نمرّ بها للمرة الأُولى. ولكن علينا أَنْ نكون على يقينٍ أَنه إذا سمح بها الله في حياتنا، فلا بدّ أَنْ يكون هناك هدفٌ. ولأنّ الله يمسك زمام الأمور، فالهدف النهائيّ يعمل لخيرنا ولمجده! إذا أَنعمَ الله عليك بالإيمان كي تثق به ليزيل تلك التجربة أَو يحلّها، فاعملْ هذا بكل الوسائل الممكنة. لا تلعب مباريات مع نفسك بتَصَنُّع إيمانٍ ليس من عند الله.

إذا كان الله يدعوك كي تتبعه في أَثناء التجربة، فتأَكدْ من أَنه سيمنحك نعمةً لتحمّل ذلك، وسوف يكون الهدف النهائي لخيرك أَنت، ولمجد الله!

الانجيل المقدس

For Further Study